اهلا بكم
اهلا بكم
بحث في الموقع

عـجـيـب أمور غـريــب قــضـــية

يقال إن المثل الذي شاع لدى العراقيين منذ الثمانينات وحتى الان شاع بفضل الممثل المسرحي الكبير المرحوم ( جعفر السعدي ) الذي استعمله في احدى المسرحيات او مسلسلات التلفزة أسهم بها أسهاماً رئيساً وبما اني لا أهوى مشاهدة مسلسلات التلفزة لذلك أعتذر عن ذكر اسمها في خاطرتي هذه ولكن أقول إن هذا المثل طالما سمعته وردده الكثيرون من زملائي في مدينة الحلة، وربما كان شائعاً في تلك المدينة منذ الخمسينات ومنها شاع الى مدن اخرى او قد يكون هو شائعاً في اغلب مدن العراق ومنه افاد كاتب تلك المسلسلة في مسلسلته ولكننا إذا أردنا أن نفهم المعنى المقصود من هذا المثل يمكن القول انه ينحصر في بيان استغراب المتكلم من امور متناقضة تثير العجب وقضايا غريبة من المؤكد انه تثير الاستغراب .

إن ما ذكرته في مقدمتي هذه هو مقدمة لحديثي عن أمور عجيبة وقضايا غريبة تسود في اوساط تعليمنا العالي وبحثنا العلمي وارى قبل الدخول الى جوهر القضية التي في خاطرتي والتي أود التحدث عنها أن أعود بذاكرتي الى الستينات من القرن الماضي حيث كانت جامعة بغداد وحدها هي التعليم العالي والبحث العلمي فكانت هذه الجامعة متيمزة بأساتذتها وعلمائها الاجلاء – أغلبهم يرحمهم الله والبعض منهم يعطيهم الله طول العمر – إلا إن رؤساء هذه الجامعة وعمدائها ولعلو علمهم وبصيرتهم حرصوا دائماً على الافادة من خبرات وعلوم الاساتذة الكبار من العرب والاجانب المعروفين في جامعاتهم بأبحاثهم ومؤلفاتهم في بلدانهم وبلدان أخرى كذلك وقد وصلت أعداد هؤلاء الاساتذة العلماء عدة مئات أفاد منهم طلبة العراق فائدة كبيرة وعظيمة وعميقة وكان وجودهم أفضل فرصة للأساتذة والعلماء العراقيين لتلاحم العلوم والنظريات والافكار فكانت مخرجات جهود هؤلاء العلماء عراقيين وعرب وأجانب في جامعة بغداد وبعدها جامعات القطر الاخرى التي أنشأت في سنة 1967 كجامعة البصرة وجامعة الموصل خير مخرجات من طلبة دراسات أولية او دراسات عليا، لقد كانت خدمات الاساتذة العرب والاجانب مكلفة مادياً لأنها تساوي ثلاثة أضعاف رواتب الأساتذة العراقيين الا انها مربحة جدا بما يحصل عليها العراق من علوم نظرية عميقة أو تطبيقية هندسية او عملية طبية وصيدلانية وطب أسنان أو علوم إنسانية  من لغة وفقه وشريعة وأدب واقتصاد ومحاسبة وغيرها ولتقليل الكلفة المالية وتعظيم الفائدة العلمية، قرر مجلس جامعة بغداد الذي كان يتراسة الاستاذ الدكتور ( عبد العزيز الدوري ) ان يعطي الاساتذة العرب والأجانب الفرصة المتكاملة لالقاء المحاضرات العلمية والاشراف على اطروحات طلبة الدراسات العليا .

أن المتغيرات التي شهدتها الظروف السياسية والاقتصادية والمالية في العراق أدت ألى استقدام أساتذة عرب واجانب اقل كفاءة وخبرة من السابقين, ألا أن ألظروف التي استمرت بالتدهور أدت ألى هجرة مدمرة للأساتذة والتدريسيين العراقيين من مختلف الجامعات وبمختلف الألقاب والرتب العلمية, وحتى انتبهت الدولة ( في ذلك الحين ) و وزارة التعليم  والبحث العلمي لذالك الحال جرت ندوة لأصلاح التعليم العالي والبحث العلمي سنة 1992 حيث تقرر فيها توسيع الدراسات العليا في الجامعات العراقية وبين مؤيد ومعارض لهذا القرار – لكنة كان في نظري عين الصواب – جرى تطبيقيه وكان ثمرته هذة الأفواج من حملة الماجستير والدكتوراه ولكنها لم تصب في صالح البلاد بل أغلبهم حطوا الرحال في ( بلاد العربان ) الاردن واليمن وليبيا والسودان ولربما وصلوا الصومال ودفعوا ما عليهم من مبالغ كفالات الاف او مئات الالاف او ملايين الدنانير ولسد هذه الفجوة في ملاكات الجامعات وأقسامها اضطرت وزارة التعليم العالي والبحث العلمي للعمل على أستقطاب الكفاءات والحيلولة دون استمرار هجرة الكفاءات فاصدرت القرارات تلو القرارات لزيادة الرواتب والمخصصات ولكن غالباً ما كان ذلك بعد فوات الاوان، وعلى كل حال فأن بعضها قد نفع وأفاد في استقرار وأستمرار بعض أساتذة الجامعات للبقاء في اقسامهم والكليات بفضل واحد من تلك القرارات وهو القرار ذي العدد 230 لسنة 2001م الذي ينص على الاتي :- (( الفقرة الرابعة :- يتقاضى موظف الخدمة الجامعية مخصصات شهرية بنسبة 50%  ” خمسين في المئة ” من راتبه ومخصصاته إذا أستمر في الخدمة بعد أكمال السن القانونية للاحالة على التقاعد )) فبقى هذا النص من القرار مستقطباً لجزء ليس بالقليل من أعضاء هيئة التدريس في الجامعات لكنه بعد سقوط النظام السابق وتغير ادارات الكليات والجامعات، بأنا نسمع العجب العجاب كيف ؟ منها لا تتوافر الدرجات لتعيين العاطلين من حملة الشهادات على الرغم من وجود الحاجة الماسة في الملاكات العلمية التي أقرتها النسب والمعادلات على وفق عدد الطلبة في كل من الاقسام، كيف أختفت تلك الدرجات المالية التي كانت أكداساً واحمال ؟ والخبر عند الامريكان الذين دسوا  انوفهم في كل مكان، ولم يحصل اصحاب الشهادات على الدرجات الا من كان ذا حظ ومقام او كانت الحاجة اليه ماسة واضحة البيان وبقى الكثير ممن هم في الداخل يبحثون عن التعيين بعينين زائغتين، اما الذين هم في الخارج فترددوا في أخذ القرار وكان ذلك عين الصواب فلا أمان ولا ضمان ان رجع للعراق فهل سيسري الترحاب وتوافر الرواتب والدرجات وكان كذلك قلة منهم ذا حضوة ومقام ومنهم من كان او ادعى انه قد أضطهده النظام، وعلى الرغم من ذلك فقد بقى جلهم خارج العراق ولعدم توفر التدريسيين كما تنص عليه التعليمات علقت الوزارة مئة وأربعة وثلاثين أختصاصاً والمصيبة انها كانت في مرحلة الماجستير والدكتوراه والسبب الرئيس لذلك هو عدم توافر الاساتذة بالاختصاص .

حسناً لماذا لا نعين من يبحثون في الداخل والخارج من حملة الشهادات فكان الجواب هو عدم توفر الدرجات فاذا كان الامر كذلك فلماذا تخطط الوزارة لعقد مؤتمر لعودة ذوي الكفاءات من خارج البلاد ولماذا لا نخطط لمؤتمر لتعيين من هم في داخل العراق، اليس القربى اولى بالعرفان .

هذا واذا كان علينا أن نصم الاذان عما ذكرته في الكلمات السابقة أعود للكلام عما يدور في الاروقة والقاعات ان تنفيذ تعديل قانون الخدمة الجامعية بمنح المخصصات ومميزات التقاعد والضمان فأنهم سيخلون المكان لغيرهم من الباحثين عن الوظيفة من قديم الزمان ولا تمديد ولا أستمرار للتدريسيين الذين مددت خدمتهم بموجب ذلك القرار ( عجيب أمور غريب قضية ) في الوقت بدأت تستقطب دول الجوار الاساتذة الكبار لفتح عالي الدراسات بدء التلويج بالتقاعد وانهاء العمل بذلك ( القرار ) هذا هو الحال تستقطب كفاءات ونفرط بأفضل وارقى الكفاءات ونحن في التعليم العالي بأشد الازمات اولها الحاجة لأعلى المستويات في مختلف الاختصاصات لكافة الدراسات، و في مستقبل الزمان أرى ان صورة الوضع سوداء الالوان، فأن خططنا لرفد البلد بافضل الاختصاصات لحرق مراحل ما الحقه النظام السابق من تخلف  وفوضى وغياب الامان فمن اين سنوفر الان الاختصاصات لرفد الجامعات، يقال ان الوزارة قد خصصت مئة مليون دينار لأيفاد البعثات وحتى الان لا بيان عنها ولا أعلان وحتى أن يسافر هؤلاء الى ( بلاد العربان ) ويعودون بشهادات نحتاج على الاقل لسبع سنوات أذاً كيف السبيل لنهضة عظيمة في العراق في ظل ما ذكرته من اجراءات وأوضاع أنها حقاً ( لعجيب أمور وغريب قضية ) ورحمك الله يافنانا الكبير جعفر السعدي .

أ. د. ماهر موسى العبيدي

أكاديمي عراقي


»

اكتب تعليقا