اهلا بكم
اهلا بكم
بحث في الموقع

يــــافقــــراء العـــراق اتحــــدوا

لا أخفي عليك عزيزي القارئ أعجابي بالزعيم الروسي البولشفي لينين، ليس لكونه ماركسياً أو شيوعياَ أو بولشفياً أو غيرها الكثير من صفاته ومبادئه، بل لسبب واحد كونه ثورياً متميزاً في تحقيق أهدافه أو مبادئه وإطلاق شعاراته التي سبق ان كتبت لها في مقالات عدة مستفيداً من تلك الشعارات، منها خطوة الى الامام عشرة الى الوراء ( عكس شعاره خطوة الى الوراء اثنان الى الامام ) وأحنة بنات البلد والكهرباء عدنة ( على هدى شعاره  سوفيت + كهرباء = شيوعية ) . والان اتحدث في مقالتي هذه مستفيداً من شعاره الثوري الشهير ( ياعمال العالم اتحدوا ) الذي كان ينادي فيه الطبقة العمالية الفقيرة والمسحوقة غالباً وخصوصاً في الدول الرأسمالية بالاتحاد والثورة ضد الرأسماليين والبرجوازيين أصحاب رؤوس الاموال الضخمة التي جمعوها من كدح وعرق العمال المساكين ولا أعتقد أن الامر خافياً على أحد أن هذا الشعار حقق الكثير من النجاح وأدى الى قيام إضراب وثورات عمالية كبيرة في أرجاء العالم التي لها الاثر الكبير في تحسين أوضاعهم المادية والمعاشية .

إنني أعتقد أن لينين لم يتوقع ولم يتصور أن في يوم من الايام سينقلب السحر على الساحر وأن شعاره سيتخذه العمال سلاحاً للإطاحة بالنظم الاشتراكية في الدول التي تحكمها الاحزاب الشيوعية أو العمالية بسبب فساد الانظمة الاشتراكية وأحزابها الحاكمة ( الحزب الواحد )، التي كانت مفاسدها لا تعد ولا تحصى – أشبه بواقع حزبنا القائد – وصبر كثيراً وعانى العمال أنفسهم والطبقة الكادحة لديهم وإن اطمئنوا أنهم في وطن حر مع أن الكثير منهم كان يشكك في ذلك ، إلاّ أنهم كانوا يؤكدون أنهم ليسوا شعوباً سعيدة لأسباب كثيرة أقتصادية وأجتماعية ووطنية ودينية وغيرها، وقد لمستها شخصياً طيلة سنوات دراستي في إحدى تلك الدول، لذلك أستطاع القائد العمالي البولوني ( لخ فاونسا ) أن يستفيد من شعار لينين ونادى عمال بلده الى الاتحاد؛ لانهاء حكم الحزب الواحد، وإنهاء مفاسده ليتمكنوا  من أن يعيشوا بسعادة وليقتاتوا من اللحم ما لذّ وطاب ويشربوا ما لذّ وطاب ويقتنوا سيارة وشقة وغيرهما .

إن هناك الكثير من منظرينا وثوريينا منه – في حينه – يرون أن هذه الحركة أو الحركات الاخرى ماهي إلاّ من نسيج أو افتعال المخابرات الامريكية والدول الاستعمارية،  ليست من رغبة شعوب تلك الدول . وأنا أؤكد العكس أنها حركات وطنية صادقة لشعوب ضحت وناضلت وصبرت سنين طوال، حققت مكاسب كثيرة لا يستهان بها ولم يستهينوا هم بها وما زالوا ولكنهم ذاقوا ذرعاً من الاديولوجيات والنظريات التي لم تعد تجدي نفعاً او فائدة مع ما أوجدته تلك الاحزاب او الانظمة نفسها من ظروف أو بيئة اجتماعية واقتصادية جديدة فكان ذلك التحرك وكان ذلك الاتحاد أي اتحاد العمال في تلك الاوطان الذي استطاع تغيير الاوضاع .

أعود بحضرتك عزيزي القارئ الى عنوان مقالتي هذه بعد أن أسهبت في مقدمتها لكني اعتقدت بضرورتها لأقول إني ولمدة ستين عاماً من عمري تقريبا،ً وأشاهد بلدنا العراق،الذي لطالما تبجج الكثير من مسؤولينا ومنظرينا بأنه بلد الثروات والخيرات، كذلك  بلد الحضارات والاثار والعتبات المقدسة وقداسة المقامات، البلد الذي كم سال على ثرواته لعاب الطامعين من دول الجوار، وحديثاً من أقصى القارات إلاّ أن أبناء شعبه الفقراء والذين هم الاكثر بحسب الاحصاءات والدراسات كانوا وما زالوا فقراء على الرغم من الشعارات و ما تطرحه الاحزاب والقيادات من مناهج وبرامج وسياسات سواء في العهد الملكي ام الجمهوري ام ما حلّ في البلاد من سنة 1968 وحتى سنة 2003 فيما عدا ما طرحه عبد الكريم قاسم من شعارات، التي اكد فيها انه لن يمس شيئاً من ثروات الاغنياء بل سيحسن من أوضاع الفقراء ليكونوا بمستوى الاغنياء وبغض النظر عن طوباوية هذا الشعار كما كان ينتقده الكثير من خصومه، وحتى من مؤيديه، إلاّ أنه خطأ في تحقيق هذا الشعار بعض خطوات، لذلك كان وما يزال يتذكره أغلب فقراء العراق ويكيلوا عليه الثناء واطناناً من الرحمة والدعاء .

ان كانت ذاكرتي تدفعني الى كتابة هذا المقال لأني تلمست وأيقنت بعدم وجود الرحمة والانصاف لفقراء العراق الجالسين على ثروة لا تَنفذ الحاصل فقط على الصد والجحود والنسيان طيلة نصف قرن من الزمان، حتى من تلك الاحزاب التي كانت تملئ الدنيا بالشعارات ماركسية شيوعية، او اشتراكية بعثية او عربية لا غربية ولا شرقية، كما وأن خططنا الاقتصادية طيلة نصف قرن لم تكن اغلبها تركز الا على بناء التحت لينهض البلد في اعمار المباني والجسور والمنشآت وقليل من الاصلاح في الزراعة والصناعة والاسكان، أما الانفاق على العسكر والحرب فيتعب عن وصفه القلم ويعجز عن ذكره اللسان من هدر وتبذير وخراب، وهكذا انتفخت جيوب بعضهم وهرب بها الى بلاد الانس والطرب والسهر حتى الصباح، أما ابناء هذا الشعب المسكين من الفقراء فكان عليهم – لزاماً – التصفيق والسير في المظاهرات والتسبيح في حمد ذلك الحاكم المتسلط السلطان من سلاطنة آخر زمان، ماذا جنوا وماذا حصلوا هؤلاء المساكين من الفقراء من أبناء شعبك ياعراق، بل ماذا جنت وماذا حصدت عوائل هؤلاء من الشهداء الذين لو كانت دقيقة الاحصاءات لبلغت أعدادهم بالملايين وليس بضع الاف، ماذا حصل عليه فقراء العراق وأكرمهم شهداؤهم الذين تركوا عوائلهم عند رحمة رب العباد بعد أن يأسوا من رحمة الحكام والحكومات، فان كان هذا الحال في تلك الانظمة والحكومات وآخرها ذلك اللانظام فما هو الحال بعد زواله وتغير الاحوال والكل كان ينتظر المن والسلوى الذي خص الله به العراق وحده من بين كل البلدان .

إني وفي مراجعتي لبرامج مجلس الحكم او ما أعقبته من حكومات وما ذكرته وما طرحته من مشروعات او ما اتخذته من اجراءات لم تحل فيها الا جزءاً ضئيلاً من حاجة بل فاقة الفقراء، وأي فقراء، فقراء الخير والثروات . فهل هذا يعقل يا أولي الالباب وهل نبقى وخصوصاً بعض أقتصاديينا والحكام يؤكدون على أن نقيم البنى التحتية، ومتى ما انجزت نطعم بعد ذلك الفقراء كم من الوقت يستغرق هذا، والى أي زمان وكم بنى تحتية ( او رأسية ) قامت و طمرت بفضل حروب صدام والاميركان لم يحصل الفقراء من مليارات الدولارات إلاّ ما يسد الرمق او يكاد غنم منها بعض أفراد العشرات من المليارات وهروبها الى خارج البلاد وبقى الفقير العراقي ينتظر ما تقدمه بطاقة التموين التي أغلب موادها فساد، او قد تسلم اليه بالاقساط لا بل زادت عليه الامور جوراً وعناء شحة النفط والغاز في بلد حباه الله بأضخم بحيرة في العالم من النفط الخام، اني وفي تقديري – ولا احب ان احدد فترة او حكومة   معينة – اعتقد أنها جميعاً أغفلت أساس المشكلة الاقتصادية والاجتماعية في العراق وما يعانيه شعب العراق؛ لذلك أدعوها الى أن تعير لهذه المشكلة جل الاهتمام وتحول برامجها لأنقاذ الملايين من فقراء العراق بتوفير العمل والمال وبناء ما يشغل وينفع الفقراء ورفع حال المجتمع الى الافضل من صحة وتربية وتعليم وغذاء . وبطبيعة الحال الامان، ويا أخواني الاقتصاديون كفوا عن إطلاق النظريات او التمسك بما قال كينز الانكليز او ماركس الالمان وأنتم يا فقراء العراق كفا الألم والحسرة على ما أنتم عليه من حال، الخاضعين لحكومات تعدهم بوعود تزن الاطنان ولم يحصلوا منها بواقع الحال إلا بالغرامات – إن كان فعلاً ذلك – في الوقت الذي لم يبخل شعب العراق من إنجاب مصلحين و مفكرين قادرين على تحقيق لشعبه كل سعادة ورخاء إن استلموا الزمام وأوفوا بمبادئهم خير وفاء .

أما أنتم اعزائي يافقراء العراق فلماذا هذا التراخي والانكفاء والاكتفاء بالدعاء من رب العباد أن يصلح الاحوال، الذي هو وحده مقسم الارزاق ومحدد الاعمار، ولكن ألم يدعونا ربنا  ( جل جلاله ) أن نسعى في مناكبها لتحقيق الارزاق، فإن ضاقت السبل بسبب الفساد والبعثرة في الاموال وقلة الخبرة والكفاءات، فلماذا لا تتحدوا يافقراء العراق وتتظاهروا لأصلاح الاحوال وتحقيق الشعارات، ولماذا لا تكتب العرائض لشرح الأوضاع، ويوقع عليها الالوف من الفقراء للمناداة بالعدل والمساواة بالواقع لا بالشعارات، كما يمكن لممثيلكم مقابلة المسؤولين والوزراء لضرورة اجراء الاصلاح وتحسين الاوضاع وتحمل المسؤوليات، وقد تكون هناك ألف وسيلة وإجراء . وإن لم ينفع هذا وذاك فعليكم يا أعزائي الفقراء اللجوء الى ورقة الانتخاب التي هي أفضل سلاح في زمان الديقراطية والسلام، القادرة على تغيير الحكومات التي لم تفِ بما قدمته من وعود وأغراءات ورقة الانتخاب التي غيرت الكثير من الحكومات دائماً في بلاد الانكليز والأميركان، وختاماً يافقراء العراق أتحدوا؛ اتغير الاوضاع وتحل نعمة رب العباد على أرض العراق التي حباها الله بالخيرات وأفضل الانعا

أ. د. ماهر موسى العبيدي

أكاديمي عراقي


»

اكتب تعليقا