اهلا بكم
اهلا بكم
بحث في الموقع

يــــا قـــــريــب الـــفـــــرج

لا أعلم إن كنا نحن مواليد الاربعينيات وشباب الخمسينيات محظوظون ام لا، ذلك لأننا عاصرنا عهوداً مختلفة وحكومات وقادة مختلفين ومرت علينا ظروفاً وأحداث كثيرة جداً غالها ذو طابع عنيف وأستبدادي ودكتاتوري للأسف وجزء قليل منها وطني تحرري ثوري لذلك قد نكون نحن الان أفضل من غيرنا ممن هم اقل عمراً في قراءة الاحداث وفهم التطورات أهمها في نظري هي مٍسألة ممارسة الشعب العراقي لحقه الاساسي الذي يجب ان يكون هو نقطة الانطلاق في أنتخاب ممثليه في برلمان او مجلس وطني أو جمعية عمومية ( ولتكن تسميتها أي اسم كان ) واذا رجعنا الى الدساتير العراقية الملغية منها او النافذة ( المؤقتة الدائمة ) وكذلك دستور بريمر المؤقت فنجدها تؤكد على ان الدين الاسلامي هو دين الدولة الرسمي ولا اشك مطلقاً بأنهم جميعاً ( أي حكامنا ) ما انتقل منهم الى رحمة الله ومن منهم من يمارس أعماله لفترة مؤقتة، ان الدين الاسلامي أكد على الشورى في قوله تعالى (( وأمرهم شورى بينهم )) والتي هي اعلى وأفضل واسمى من مبادئ الغرب التي تسمى ديمقراطية، على كل حال لا أريد أن أخوض في خاطرتي بموضوع ديني فقهي فهو من أختصاص علماء ديننا الافاضل ولكن هل طبقت الشورى او الديمقراطية منذ تأسيس ما يسمى بالحكم الوطني حتى الان، طبعاً انا لا اتذكر الانتخابات التي كانت تجري منذ بدء قيام الحكم الملكي ولكني اتذكر الانتخاب الذي جرى في بداية الخمسينات حتى قيام ثورة تموز الخالدة، أنها ليست أنتخابات وليست ديمقراطية بل هي مهزلة لا مثيل لها شاهدتها بعيني في احدى المناطق الانتخابية وكيف كانت الاسماء تملى على الناخبين والذي كان اغلبهم من الاميين والجهلة وكان التزييف لصالح أحد الاقطاعيين من حزب نوري السعيد فاي ديمقراطية وأي دستورية مزيفة كانت كانت هذه ثم جاءت ثورة 14 تموز الخالدة التي كانت انجازاتها الاقتصادية والاجتماعية والسياسية الخارجية مذهلة ولكن قادة الثورة مع الاسف أما بسبب كونهم عسكريون أصلاً لا يعرفون غير لغة الاوامر التي ينبغي ان تنفذ ولا تناقش أو بسبب أندفاعهم الوطني المخلص أو اعتقادهم بأن أي واحد منهم يمكن أن يكون الزعيم الأوحد والمنقذ والملهم الذي سيغير مجرى التأريخ ويوفر لأبناء الشعب كل النعم التي كانوا يحلموا بها ولم يكن أي منهم يأمن بالشورى أو الديمقراطية ولم يكن في خلدهم كما هو واضح من سير الامور خلال سنوات الثورة الاولى الاربعة أي توجه ديمقراطي ولم يكن قانون الاحزاب واجازة قسم منها إلا لتغطية التوجه الفردي الذي ساد في تلك الفترة والتي أنتهت بفشل ذريع، أي من ذلك نلخص الى نتيجة مفادها أننا لم ننعم في تلك الفترة باي أنتخاب ولم نسعد بوضع البطاقة التي تتضمن رأينا في صندوق إسوة بشعوب العالم المتحضرة والسبب طبعاً هو التوجه الفردي المطبق في ادارة الحكم والذي أدى إلى كارثة في نهاية الامر غطى كل المكتسبات والانجازات التي حققتها الثورة في بداياتها والسبب هو في اعتقادي غلبة الطابع الفردي والدكتاتوري في إدارة الحكم على الطابع الديمقراطي والمشاركة الشعبية الواسعة وتقديم الشورى ونرحل من تلك الفترة ولا نتطرق الى ما حصل في انقلاب الثامن من شباط عام 1963 وحتى أنهاء حكم البعث في 18 تشرين الثاني في نفس العام حيث كانت فترة حكم دموية لم تترك أي حسنة ما تذكر لها، أما في فترة الحكم العارفي فلم يكن هناك توجه ديمقراطي ولا شورى ولا أنتخابات وإنما إدارة البلد وتسيير أموره على النمط المصري وحسبما أتخذه أو يتخذه عبد الناصر من خطوات وكانت فترة سبات اقتصادي وسياسي طويلة لم نشهد فيها أي بوادر ديمقراطية ونسى الناس حقوقهم السياسية في أختيار ممثليهم ومجلسهم الوطني الذي يعبر عن أرائهم ويحقق طموحاتهم .

كل ما ذكرته سلفاً شيء وما حصل بعد تسلم حزب البعث العربي الاشتراكي الحكم سنة 1968 شيء اخر، أعتقد أن غالبية الشعب العراقي يتذكره سنة بعد سنة لا بل يوماً بعد يوم فالحزب ثوري وقيادته ثورية وبعد ان ذبحت الشيوعية وكل ما لديه من ميول ماركسية او يسارية في سنة 1963 أتت بلباس ثوري يتفوق قادته على كاسترو وجيفارا لا بل حتى   هوشي منة وماوتسي تونغ وبدأت خطوتهم الثورية والتقدمية تتولى لتصحيح الاخطاء السابقة من جهة ولأعطاء وجه جديد يبيض صفحة القيادة الجديدة من جهة أخرى فهل هناك حاجة لأنتخابات برلمانية وهل هناك حاجة لرأي الشعب ما دام الحزب يعمل بمبدأ المركزية الديمقراطية الذي أوجده لينين وأبتلعه ستالين، أبداً لم تكن هناك ضرورة كما نهجت عليه قيادة الحزب ( والثورة ) في ذلك الحين وسيرت البلاد بالمركزية الدكتاتورية ولم يحظ الحزب بالديمقراطية في صفوفه مطلقاً كما أعتقد .

هذا ما حصل حتى أستلام القائد الملهم مقاليد الامور فلهم الحزب ما تبقى من ديمقراطية وتحول نظام الحكم الى أطغى وأعنف دكتاتورية شهدها التأريخ وهكذا سيرت الامور في البلاد وحتى سن قانون المجلس الوطني وقيل أننا سننتخب ممثلينا في مجلس وطني، كيف كانت تلك الانتخابات ومن هم المرشحين ومن هم الفائزين إنها مهازل أنتخابية وليست ممارسات أنتخابية كل المرشحين هم للأعلام ومن تقرر أن يفوز حتى لو حصل على صوت واحد فكان المجلس الوطني لا حول ولا قوة له سوى أصدار البرقيات والتأييدات التي لا فائدة ولا جدوى منها، على كل حال لنغادر تلك الحقبة السوداء التي مرت بنا ولندعو الباري عز وجل أن لا يعيدها لا علينا ولا على أي شعب آخر .

سقط النظام وسقطت معه كل الاقنعة الزائفة وبدأ الحديث عن صفحة جديدة وآمال ديمقراطية وانتخابات حرة تحقق ديمقراطية ومستقبل أفضل وعقد الانتخابات والمجلس الوطني وسرعان ما سقط كارتر وأتى بريمر وبدأ الخيط بيط ( عفواً التخطيط ) لماذا ولأي وجه وبأي طريق لا أحد يعلم وحكم الحاكم المدني بسلطة الحاكم المطلق بفضل سلطة سيده المحتمل وسلط على شعب أنهكته الحروب والمظالم في عصره الحديث كما هي في عصره القديم وأتخذ الكثير من القرارات وأصدر الكثير من القوانين والتراجع لإيجاد مجلس حكم معين لا حول له ولا قوة، آمنا بالله وقلنا لعله الواسطة بيننا وبين العم سام قد تنقلنا الى بحر الامان وسرنا سنة من الزمان ولم تفلح جميع الجهود والآراء والدعوات لسرعة أجراء الانتخابات وقلنا قرب الفرج بحضور السيد الأخضر الأبراهيمي للتحكيم في صحة تلك الدعوات والآراء وإذا به يخرج من حضرة آية الله العظمى السيستاني ليقول أنه فهم آراء سماحته وأنه يؤيدها ثم يعود ويطل علينا بعد أجتماعه بهيئة علماء المسلمين ويؤيد رأيها بتعذر أجراء الانتخابات في 30 من حزيران وكانت ( برأيي ) هذه الثغرة التي سجل فيها الامريكان هدفهم في استمرار ادارتهم للعراق واللعب بأنابيب نفطه وحسابات نقده هنا وهناك واستمرار تعكير مياهه وأجواءه للأحياء في عكرها وتمرير المخططات فكان الحل بحكومة مؤقتة أخرى ومجلس وطني آخر، حكومة منصبة ومجلس وطني مؤقت منتخب ظهرت صور أنتخاباته غير الديمقراطية وحبر خاطرتي هذه لم يجف، حسناً لم يبقَ من عمر هذه الحكومة وهذا المجلس الوليد سوى أربعة أشهر فقط فهل ستمر هذه الاشهر مر الكرام ليقال نحتاج الى ستة أشهر اخرى لأننا كنا نيام ولم نعمل كما يرام لتأمين أجراء الانتخابات أم سيقال ان الشعب العراقي لم يشبع بعد من الدكتاتورية وفرض الآراء ام سيقال ان الزرقاوي أستبدل سلاحه من القنابل والمتفجرات الى الخناجر والسيوف يحز بها الرقاب أم هل سيقال أن أنابيب النفط العراقي مفتوحة لكل من هب ودب وحتى تقفل وتطفئ الحرائق يكون الجو رائق للأنتخابات وهل سيقال أن اعمال السلب والنهب لثروات العراق وخيرات العراق لم تكتمل بعد ومتى حصل ذلك ؟ وهل سيقال وما يقال، أقول الى متى يا حكام العراق من حمورابي وحتى الان تعشقون الفردية التي أوصلتكم الى الدكتاتورية التي يسام فيها شعب العراق ويضام، متى يُحترم شعب العراق ويُسمع رايه ويُعان ؟ لقد طال الانتظار …. طال الانتظار .

 

… و يــــا قـــــريــب الـــفـــــرج …

أ. د. ماهر موسى العبيدي

أكاديمي عراقي

 

»

اكتب تعليقا