اهلا بكم
اهلا بكم
بحث في الموقع

الجرأة ، تحمل المسؤولية ، اتخاذ القرار: صفات الاداري الناجح

 

غالباً ما يتردد ـ في أدبيات علم الادارة العامة ، وإدارة الاعمال ، أو في العرف الاداري العام ـ أن أهم صفات الاداري الناجح هي الدقة ، والالتزام بالقوانين والأنظمة والتعليمات ، ولا أشك في أهمية هاتين الصفتين أو ضرورتهما للاداري المتميز ، لكنني أرى أنهما غير كافيتين لأن يكون الأداري ناجحا متميزا بهما فقط .

فالدقة ضرورة أساسية لكل اداري بسعى لإحكام عمله وإدارته ، سواء أكانت تلك الادارة عامة ، أم ادارة اعمال ، أو ادارة مال في مؤسسات الدولة أو المؤسسات الخاصة ، وبدونها ـ أي الدقة ـ لا يمكن ان تكون القرارات صحيحة ، بل العكس قد تتخذ قرارات خاطئة تؤدي الى نتائج غير مرجوة ، تسهم في ضياع الوقت وهدر المال .

أما الالتزام بالقوانين والأنظمة والتعليمات  ـ وما أكثرها في بلادنا ـ فهو يوجب على الإداري الاطلاع على عشرات القوانين ومئات الانظمة وآلاف التعليمات ليكون صائباً في قراراته ، وهو أمر قد لايتيسر للكثير من الإداريين ، لذا يستعين هؤلاء الإداريون بعدد من المشاورين والمدراء ـ الذين يدونون آراءهم بهوامش ومذكرات ، أوغيرهما من وسائل إبداء الرأي والمداخلات ـ لضمان عدم خروج الإداري عن القوانين والأنظمة والتعليمات .

لذا فأننا ندعو دائماً ان يتولى الامور  ـ في بلدنا ـ من درس ، أو قرأ ، أو اطلع على هذه القوانين والانظمة والتعليمات ، ليكون قادراً على اتخاذ القرارات  الصائبة ، أو أن يتولى الادارة من عمل بكفاءة زمناً مناسباً في هذه الإدارة أوتلك ، فاكتسب خبرة في  التعامل مع هذه القوانين والانظمة والتعليمات ، قد تصل الى ان يحفظ أكثرها عن ظهر قلب .

وقد تضاف الى ذلك كله الضوابط والتوجيهات ، التي يخطئ البعض في التقيد بحرفيتها ، معتقدين انه معيار الدقة والالتزام ، متناسين أن دقة العمل بتلك القوانين والأنظمة والتعليمات والضوابط والتوجيهات ، قد تأتي من اتفاق القرارات التي يتخذونها ـ أو طرائق تطبيقها ـ مع روحها ومضامينها ، وما فيها من ايجابيات ، وتجاوز ما يمكن تجاوزه من سلبياتها.

أعود الى صلب عنوان خاطرتي وعلاقته مع سالف الكلام ، فأقول أن بحث العلاقة بين متطلبات الدقة والالتزام بالقوانين والانظمة والتعليمات ـ التي ما انزل الله بها من سلطان ـ وما ينبغي ان يكون عليه الاداري الناجح ،أمر ليس فيه الكثير من التعقيد .

إذ يستلزم الأمر قدرة على فهم ماهية تلك العلاقة ، ومعالجة مايستجد من مشكلات إدارية بالاعتماد على ما تراكم لديه من خبرة عملية ، واطلاع مسبق على حيثيات القوانين والانظمة والتعليمات ، والاستعانة بآراء مشاوريه ومساعديه ، وأن يكون جريئاً ـ لا متردداً ـ في اتخاذ قراراته ، إذ ان كل قراراته وإجراءاته ستكون ضعيفة وبلا جدوى ، إن بقى الإداري خائفاً أو متردداً في اتخاذ القرارات ، فتضعف الادارة وتسوء النتائج ولا يتقدم العمل ، لذلك ارى ان الاداري غير الجريء لا ينفع في الادارة ، وسيكون من الافضل له ـ ولمؤسسته ـ أن يتنحى عن منصبه ويتركه لصاحب الجرأة ، القادر على اتخاذ القرارات بقناعة.

اما الصفة الثانية التي أرغب في التحدث عنها في هذا المقال ، فهي إمكانية الاداري على تحمل المسؤولية في اتخاذ القرار ، لأن ضعف المسؤول وعدم درايته بالقوانين والانظمة والتعليمات أمران يجعلانه متردداً ، خائفاً من اتخاذ أي قرار خشية الوقوع في الخطأ ، أو عدم مواءمة ذلك القرار للقوانين أو التعليمات ، أو أنه لايدرك ـ بسبب قلة خبرته ـ ما هو الأدق من قرارات ، فيقع تحت طائلة السؤال والحساب ، وما أكثر جهات التدقيق والحساب في عراقنا اليوم .

لذلك فإن لم يكن الإداري مستعداً لتحمل المسؤولية في مااتخذ من قرار ، فإنه سيحاول أن يرمي بها على هذا الموظف او ذاك ، بمجرد أن يُسأل عنها ، على العكس من الإداري الواثق المستعد لتحمل المسؤولية الكاملة عن كل ما اتخذه  من قرارات ، لثقته بنفسه وبمن يحيط به .

وسبحان من لا يخطئ أحياناً في زحمة العمل والقرارات ، لذا يتحاشى الاداري غير المستعد لتحمل مسؤولية قراراته ، ان يكون هو المسؤول الاول عن اتخاذها ، ويلقي بتبعات ما يقوم به على فريق العمل المحيط به ، ومن الأفضل لمثل هذا المسؤول الضعيف أن يتنحى ، أو ( يُنَحّى ) من تولي المناصب ، لأنه في ضعفه وتردده هذا سيؤدي الى شلّ حركة العمل في نطاق مسؤوليته ، ولك أن تتخيل مستوى الأداء المتردي حين يتولى أمثاله عدداً من المناصب والمهام في عموم البلاد ، فلا تقدم ولا نمو ولا ازدهار .

أما الصفة الثالثة للإداري الناجح في عمله فهي اتخاذ القرار المناسب في الوقت المناسب ، وهي النتيجة التي تؤدي اليها الصفتان اللتان ذكرتهما ، فالاداري الناجح المعزز بكل ما ذكرته ـ سلفاً ـ من صفات يستطيع مطمئناً اتخاذ القرار الصحيح المناسب في الوقت الصحيح المناسب .

وماأحوجنا إلى إداريين جريئين قادرين على تحمل مسؤلياتهم واتخاذ قرارات صائبة ، فتلك هي صفات الإداري الناجح الكفوء ، وبدونها تكون الاعمال هباء في هباء.

  

 أ.د. ماهر موسى العبيدي

 أكاديمي عراقي   

 

 

 

»
  1. إذا كان الإداري لديه الجرأ لإتخاذ القرار ولكن لا يعطى الفرصه ، فما هو الحل لأن يثبت نفسه ؟

    Comment بواسطة سعيد — February 20, 2012 @ 5:56 pm

اكتب تعليقا